المهلهل بن ربيعة
عدي بن ربيعة بن مرّة بن هبيرة من بني جشم، من تغلب، أبو ليلى، المهلهل، كما يعرف بلقب الزير، شاعر وأحد أبطال العرب في الجاهلية، وهو خال امرئ القيس، وجد الشاعر عمرو بن كلثوم، أطلق عليه لقب "مهلهلاً" لأنه أول من هلهل نسج الشعر أي رققه.
عرف المهلهل بجمال وجهه وفصاحة لسانه، أنكب صغيراً على اللهو والتشبيب بالنساء، فأطلق عليه أخوه كليب لقب زير النساء أي جليسهن.
تبدل حال المهلهل عقب مقتل أخيه والذي قتله جساس بن مرة حيث ثار غضب المهلهل فأنصرف عن اللهو والشراب، وأوقف حياته على الثأر لمقتل كليب فكانت وقائع بكر وتغلب التي دامت أربعين سنة وعرفت "بحرب البسوس" وكان للمهلهل فيها العجائب والأخبار الكثيرة.
وكما تبدل حال المهلهل عقب مقتل أخيه كليب تبدل شعره أيضاً فبعد أن كان مقلاً في شعره يقول بيت أو بيتين في الغزل، أصبح شعره أكثر غزارة وكثرت قصائده في رثاء أخيه كليب بما فيها من تهديد وثورة وغضب، ونذكر من هذه القصائد:
[center]
لَمّا نَعى الناعي كُلَيباً iiأَظلَمَت
شَمسُ النَهارِ فَما تُريدُ طُلوعا
قَتَلوا كُلَيباً ثُمَّ قالوا iiأَرتِعوا
كَذَبوا لَقَد مَنَعوا الجِيادَ iiرُتوعا
كَلّا وَأَنصابٍ لَنا iiعادِيَّةٍ
مَعبودَةٍ قَد قُطِّقَت iiتَقطيعا
حَتّى أُبيدَ قَبيلَةً وَقَبيلَةً
وَقَبيلَةً وَقَبيلَتَينِ جَميعا
وَتَذوقَ حَتفاً آلُ بَكرٍ iiكُلُّها
وَنَهُدَّ مِنها سَمكَها iiالمَرفوعا
حَتّى نَرى أَوصالَهُم iiوَجَماجِماً
مِنهُم عَلَيها الخامِعاتُ iiوُقوعا
وَنَرى سِباعَ الطَيرِ تَنقُرُ iiأَعيُناً
وَتَجُرُّ أَعضاءً لَهُم iiوَضُلوعا
وَالمَشرَفِيَّةَ لا تُعَرِّجُ iiعَنهُمُ
ضَرباً يُقُدُّ مَغافِراً وَدُروعا
وَالخَيلُ تَقتَحِمُ الغُبارَ iiعَوابِساً
يَومَ الكَريهَةِ ما يُرِدنَ iiرُجوعا
[b]وقال أيضاً في رثاء كليب
كُلَيبُ لا خَيرَ في الدُنيا وَمَن فيها
إِن أَنتَ خَلَّيتَها في مَن iiيُخَلّيها
كُلَيبُ أَيُّ فَتى عِزٍّ وَمَكرُمَةٍ
تَحتَ السَفاسِفِ إِذ يَعلوكَ iiسافيها
نَعى النُعاةُ كُلَيباً لي فَقُلتُ iiلَهُم
مادَت بِنا الأَرضُ أَم مادَت رَواسيها
لَيتَ السَماءَ عَلى مَن تَحتَها iiوَقَعَت
وَحالَتِ الأَرضُ فَاِنجابَت بِمَن iiفيها
أَضحَت مَنازِلُ بِالسُلّانِ قَد iiدَرَسَت
تَبكي كُلَيباً وَلَم تَفزَع iiأَقاصيها
الحَزمُ وَالعَزمُ كانا مِن iiصَنيعَتِهِ
ما كُلَّ آلائِهِ يا قَومُ iiأُحصيها
القائِدُ الخَيلَ تَردي في أَعِنَّتَها
زَهواً إِذا الخَيلُ بُحَّت في iiتَعاديها
الناحِرُ الكومَ ما يَنفَكُّ iiيُطعِمُها
وَالواهِبُ المِئَةَ الحَمرا iiبِراعيها
مِن خَيلِ تَغلِبَ ما تُلقى أَسِنَّتُها
إِلّا وَقَد خَصَّبَتها مِن أَعاديها
قَد كانَ يَصبِحُها شَعواءَ مُشعَلَةً
تَحتَ العَجاجَةِ مَعقوداً iiنَواصيها
تَكونُ أَوَّلَها في حينِ iiكَرَّتِها
وَأَنتَ بِالكَرِّ يَومَ الكَرِّ iiحاميها
ويقال عن حرب البسوس أنها من اكبر حروب العرب التي وقعت بين فرعي قبيلة "وائل" بكر بن وائل وتغلب بن وائل، وكانت البداية عندما رأى كليب بن ربيعة وهو من "تغلب" ناقة لخالة جساس من "بكر"والتي تدعى البسوس قد كسرت بيض حمام في حماه كان قد أجاره فرمى ضرعها بسهم، فما كان من جساس إلا أن وثب على كليب فقتله، وكان هذا إيذاناً بفتح باب الحروب لمدة أربعين سنة بين الفريقين.
وفاة المهلهل
]ظلت الحروب مشتعلة بين تغلب وبكر، حتى ملت جموع تغلب من الحرب فصالحوا بكراً ورجعوا على بلادهم، ولم يحضر المهلهل هذا الصلح بل أنه نقضه وعاد مرة أخرى للحرب، فقام بالإغارة على بني بكر، فظفر به عمرو بن مالك أحد بني قيس بن ثعلبة فوقع المهلهل في الأسر وأثناء وجوده في الأسر مر عليه تاجر يبيع الخمر، وأهدى إليه بعض الخمر، فأسرف المهلهل بالشراب واخذ يتغنى بالشعر ومما قاله:
طِفلَةٌ ما اِبنَةُ المُجَلِّلِ iiبَيضاءُ
لَعوبٌ لَذيذَةٌ في iiالعِناقِ
فَأِذهَبي ما إِلَيكِ غَيرُ بَعيدٍ
لا يُؤاتي العِناقَ مَن في iiالوِثاقِ
ضَرَبَت نَحرَها إِلَيَّ iiوَقالَت
يا عَدِيّاً لَقَد وَقَتكَ الأَواقي
ما أُرَجّي في العَيشِ بَعدَ نَدامايَ
أَراهُم سُقوا بِكَأسِ حَلاقِ
بَعدَ عَمرٍو وَعامِرٍ iiوَحيِيٍّ
وَرَبيعِ الصُدوفِ وَاِبنَي iiعَناقِ
وَاِمرِئِ القِيسِ مَيِّتٍ يَومَ أَودى
ثُمَّ خَلّى عَلَيَّ ذاتِ iiالعَراقي
وَكُلَيبٍ شُمِّ الفَوارِسِ إِذ حُممَ
رَماهُ الكُماةُ iiبِالإِتِّفاقِ
إِنَّ تَحتَ الأَحجارِ جَدّاً وَليناً
وَخَصيماً أَلَدَّ ذا iiمِعلاقِ
حَيَّةً في الوَجارِ أَربَدَ لا iiتَنفَعُ
مِنهُ السَليمَ نَفثَةُ iiراقِ
لَستُ أَرجو لَذَّةَ العَيشِ iiما
اَزَمَت أَجلادُ قَدٍّ iiبِساقي
جَلَّلوني جِلدَ حَوبٍ iiفَقَد
جَعَلوا نَفَسي عِندَ iiالتَراقي
[b]ولما سمع عمرو بن مالك هذا غضب وأقسم ألا يشرب المهلهل عنده ماء ولا خمر ولا لبن حتى يرد ربيب الهضاب ( وهو اسم جمل له كان أقل وروده في الصيف الخمس أي مرة كل خمسة أيام) ويعني هذا ألا يشرب المهلهل شيئاً إلا بعد خمسة أيام، وعندما رأى بعض قومه أن المهلهل كاد أن يموت من العطش أشاروا عليه أن يرسل فيأتي بالجمل قبل يوم وروده ففعل واتوا به بعد ثلاثة أيام ولكن كان المهلهل قد مات، وجاءت وفاة المهلهل عام 94 ق.هـ -531 م.